
بعد أيام فقط من دعوته الدول الاستعمارية إلى دفع تعويضات لمستعمراتها السابقة، ومن دون أن يحظى من فرنسا التي كانت أبرز مستعمري القارة السمراء بمجرد اعتذار، كافأها العقيد القذافي بتوقيع عقود بمليارات الدولارات تشمل صفقات لبيع طائرات وأسلحة فرنسية إلى ليبيا، لا تشمل عقودا سابقة مماثلة وقعت أثناء زيارة ساركوزي لليبيا ضمن "صفقة" إطلاق سراح الممرضات البلغاريات.
وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ردا على منتقدي استقباله للقذافي، إن بلاده ستوقع عقودا قيمتها نحو 15 مليار دولار خلال الزيارة التي يقوم بها القذافي إليها، والتي تعد الأولى منذ عام 1997، مضيفا أنه يستقبل "زعيما" عربيا أعلن بوضوح تخليه عن "الإرهاب" نهائيا.
وذكر ساركوزي أن الاتفاقات التي ستوقع بين البلدين تشمل صفقة لبيع أسلحة فرنسية إلى ليبيا، وبناء مفاعل نووي. وقال: إنه يتعين مكافأة ليبيا على قرارها إدانة "الارهاب" والتسلح النووي.
وتلقى زيارة القذافي إلى باريس معارضة شديدة بوجه خاص من جانب الحزب الاشتراكي الفرنسي المعارض الذي قال رئيسه فرنسوا هولاند إن ساركوزي وجه الدعوة إلى "زعيم دولة تبرر الإرهاب الدولي"، وأيضا من جانب وزيرة حقوق الإنسان في حكومة ساركوزي، بسبب أن فرنسا هي الدولة الغربية الأولى التي ترحب بالقذافي بعد تحوله الدراماتيكي قبل 4 سنوات، وإعلانه التخلي نهائيا عن فكرة "القومية العربية" وبرنامج بلاه النووي. ورد ساركوزي على منتقديه بالقول إنه حث القذافي على "تحقيق تقدم في مجال حقوق الإنسان" حسبما أفادت وكالة الأنباء الفرنسية.
وكان وزير الخارجية الفرنسي، برنارد كوشنير، قد دافع في وقت سابق عن قرار بلاده دعوة القذافي لزيارة فرنسا قائلا إن العالم قد تطور وإن ليبيا أضحت شريكا في مكافحة "الإرهاب". وقال كوشنير، الذي كان يتحدث قبيل وصول القذافي في زيارة: "إن الزيارة تعكس حقيقة أن العالم قد تطور وأن الرجل (القذافي) قد انتقل من الإرهاب، الذي يدينه الآن، إلى التعاون ضده، وحقيقة أن مثل هذه المبادرة قد حدثت بالفعل هو أمر مشجع."
وكانت العلاقات بين فرنسا وليبيا قد شهدت قفزة في شهر يوليو الماضي بعد إطلاق القذافي سراح الطاقم الطبي البلغاري الذي كان سجينا في ليبيا بتهمة إصابة أطفال ليبيين بفيروس مرض الإيدز، على الرغم من إدانة القضاء الليبي له.
وكان سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم الليبي، صرح لصحيفة "لوفيجارو" الفرنسية إن زيارة والده ستمهد الطريق لتوقيع عقود تبلغ قيمتها مليارات الدولارات الأمريكية، من بينها صفقة طائرات إيرباص قيمتها 4.3 مليار دولار، وتتفاوض على شراء مقاتلات من طراز "رافال"، بالإضافة إلى معدات عسكرية أخرى.
يُذكر أنه كان قد جرى توقيع العديد من الصفقات بين الطرفين، تتعلق بالأسلحة والتطوير النووي السلمي، خلال زيارة ساركوزي إلى ليبيا قبل نحو خمسة أشهر. كما تقوم شركة النفط الفرنسية "توتال" باستثمارات مهمة في ليبيا.