
أفضت التحريات التي قامت بها "هيئة الإنصاف والمصالحة" المغربية حول ضحايا الاضطرابات الاجتماعية التي شهدتها مدينة فاس في ديسمبر 1990م إلى تحديد أماكن دفن 106 منهم قتلوا بعد صدور أوامر بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين.
وقالت الهيئة التي تشكلت في يناير 2004 بقرار من الملك محمد السادس للكشف عن مصير ضحايا المدة التي حكم فيها والده الملك الراحل الحسن الثاني من سجناء رأي ومخطوفين ومختفين في ظروف غامضة، ضمن ما يعرف في المغرب بـ "سنوات الرصاص"، أن الاطلاع على السجلات والوثائق ذات الصلة بالمصالح الإدارية والقضائية والاستماع إلى الشهود وأقارب الضحايا أظهرا أن 99 ضحية دفنوا في مقبرة باب الكيسة في المدينة، وأن عدداً قليلاً منهم جرى دفنه في حضور أفراد من عائلاتهم، وسبعة في مقبرة أبي بكر بن العربي، لكنها لم تتمكن من تحديد هوياتهم.
وأضافت الهيئة، أن قلة قليلة من الضحايا معروفة أسماؤهم، أما الباقون فهوياتهم مجهولة وأنها لم تتلق سوى طلبات محدودة من بعض أسر الضحايا في الموضوع، مشيرة إلى أن الطريقة التي دفن فيها الضحايا تجعل من الصعوبة تحديد لائحة مضبوطة لغياب توثيق دقيق لدى الجهات المختصة.
ويتناقض عدد الضحايا المعلن عنه مع الرواية الرسمية التي اعترفت حينذاك بسقوط خمسة قتلى فقط ، رغم أن صحفا مغربية أشارت إلى سقوط 49 قتيلا في تلك الأحداث التي اندلعت في 14 من الشهر المذكور بتحريض من "الكونفدرالية الديموقراطية للشغل" النقابة العمالية التي كانت تتبع حزب "الاتحاد الاشتراكي للقوى الشعبية" قبل انشقاقها أخيرا و"الإتحاد العام للشغالين في المغرب" التابع لحزب "الاستقلال" حين كان الحزبان في المعارضة، واستمرت أياما عدة داخل مدينة فاس وضواحيها مخلفة خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات.
وتعد أحداث فاس من أعنف الاضطرابات الاجتماعية التي شهدها المغرب في أعوام 1958 و1965 و1981، وقد أحجمت الكثير من الأسر عن المطالبة بأفرادها من القتلى خشية أخذها بجريرتهم، الأمر الذي جعل الهيئة تواجه صعوبة للتعرف إلى هوية الضحايا الذين عثرت على مقابرهم.