
أكد تقرير لنشرة بريطانية متخصصة بشؤون الشرق الأوسط أن الدول الغربية متورطة في انتهاكات سلطة عباس في الضفة, عبر تقديمها الدعم المالي والاستشارة الأمنية لأجهزة تورطت في التعذيب وممارسات أخرى.
وأشار تقرير "ميدل إيست مونيتور" الذي جاء في 16 صفحة إلى مئات ملايين اليوروات التي أنفقتها بريطانيا وأوروبا على السلطة، جزء كبير منها لإعادة بناء أجهزة أمنية يشيد بها المسؤولون الغربيون كأهم ما تحقق على طريق الدولة الفلسطينية منذ توقيع أوسلو، بهدف أساسي هو تقوية حركة (فتح) ضد حركة (حماس) وفصائل أخرى، بإشراف فريق تنسيق أمريكي يقوده الجنرال كيث دايتون.
وأوضح التقرير أن الفريق الغربي "بات ضالعا في صراع الحركتين"، لافتا إلى دور دايتون وشركائه الأوروبيين في "المواجهة التي حصلت بين الحركتين عام 2006 وأدت إلى سيطرة حماس على غزة".
وأضاف التقرير: بعد هذه المواجهة وسيطرة حماس على غزة قررت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي زيادة الدعم العسكري والمالي واللوجستي لسلطة عباس، وأثرت "إسرائيل" أيضا بقوتها لتعزيز حركة فتح.
وتحدث التقرير عن 1012 معتقلا سياسيا في سجون الضفة أغلبهم بلا تهمة أو محاكمة حسب المنظمة العربية لحقوق الإنسان التي وثقت شهادات معتقلين سابقين عن طرق الاستنطاق والتعذيب وأهمها وضعية وقوف مؤلمة اسمها الشبح والتعليق من السقف والتعذيب النفسي كالتهديد باغتصاب أخت أو زوجة.
ولفت التقرير إلى حالات تعذيب بوفيات أبرزها وفاة الشيخ مجد البرغوثي العام الماضي، وهي وفاة قالت السلطة إنها بسبب نوبة قلبية وأكد معتقلون أنها ناتجة عن التعذيب، وأيدتهم لجنة تحقيق من المجلس الوطني التشريعي.
وأفاد التقرير بأن "الديمقراطيات الغربية وبريطانيا خاصة التزمت صمتا غريبا تجاه الخروق".
وتابع التقرير: إن توني بلير، كرئيس للجنة الرباعية، كانت مهمته –إضافة إلى حشد الدعم الاقتصادي- إصلاح الأجهزة الأمنية، وقد اقترح في 2007 لجنة لمراقبة تنفيذ "إسرائيل" والسلطة التزاماتهما الأمنية في الضفة، في خطة أوصت أيضا بزيادة سلطات المدعي العام لمحاكمة أعضاء المقاومة وبإنشاء إدارة تشرف على السجون بإشراف أوروبي لضمان عدم إطلاق سراح من يحاكمون من المقاومة.
وحسب التقرير يجعل هذا الدور الإشرافي المشاركين فيه ضالعين في الخروق، واستغرب كيف تضم لجنةٌ اقترحها بلير، وتقول إن سبب وجودها إصلاح السلطة، وزير الدفاع "الإسرائيلي" إيهود باراك.
ووفقا للتقرير فقد قررت الولايات المتحدة بعد وفاة ياسر عرفات في 2004 التدخل بشكل أكثر مباشرة في تسيير الأجهزة الأمنية وعُيّن الجنرال وليام وارد، وخلفه الجنرال دايتون في مهمة تدريب القوات الأمنية وتمويل تجهيزات الحرس الرئاسي، وقد شرح كيف يحظى كأمريكي بثقة واحترام "الإسرائيليين" قائلا "لن نقدم أي شيء للفلسطينيين إلا إذا نسق الأمر بشكل كامل مع دولة إسرائيل ووافقت عليه".
وقال التقرير: إن من بين أعضاء فريق دايتون أمريكيين وكنديين وبريطانيين، وهؤلاء الكنديون والبريطانيون ـ على حد تعبير الجنرال دايتون ـ "عيونه وآذانه، يرافقونه في لقاءاته مع المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين والفلسطينيين", والسؤال ـ كمل يقول التقرير ـ "كم علموا عن تعذيب المعتقلين، وإذا حدث ذلك ماذا فعلوا لإيقافه؟".
وزاد التقرير: إن دايتون كان سيفقد منصبه بعد أن طلب "الإسرائيليون" استقالته بعد "الهزيمة غير المتوقعة في غزة" في 2006، ولم يمنح فرصة ثانية إلا بتفاهم يتبنى بموجبه سياسة قاسية ضد قوى المقاومة.
وتحدث التقرير عن شركات أمنية تقدم خدماتها في الضفة كما في العراق، وعن التقاء مصالح يربطها بدايتون الذي عمل في الفريق الأمريكي للتفتيش عن أسلحة الدمار الشامل المزعومة.
وأشار التقرير إلى تشابه واضح بين أساليب التعذيب في سجون السلطة وتلك التي حدثت في العراق بعد الغزو، خاصة منها ما حدث في 2005 في سجن تابع لوزارة الداخلية.
واعتبر التقرير استمرار الخروق مرتبطا باستمرار تدفق المعونة الخارجية على محمود عباس، ولن تتوقف الانتهاكات ما دامت السلطة تعتمد على الدعم الخارجي للسيطرة على الضفة، قائلا: إن عباس يتحجج بالتزامات خارطة الطريق التي تطلب إنهاء الهجمات على "إسرائيل"، ما يعني –حسب التقرير- أن "إسرائيل" ستنعم بالأمان، بينما يتقاتل الفلسطينيون، وما يستتبع ذلك من أن أي مصالحة ستعني نهاية تدفق الأموال على السلطة.