
اختتمت ظهر اليوم في الرياض حلقة نقاش علمية تحت عنوان "العمل الخيري في عالم متغير" نظمها المركز الدولي للأبحاث والدراسات "مداد" في العاصمة السعودية برعاية مؤسسة الوقف وبمشاركة عدد كبير من قيادات العمل الخيري والمختصين فيه من شتى أنحاء المملكة.
وبدأت حلقة النقاش بكلمة مدير عام المركز الدولي للأبحاث والدراسات "مداد" الأستاذ خالد بن عبدالله السريحي الذي أوضح بأن هذه الحلقة تمثل بداية للفعاليات والمشاريع البحثية التي يعتزم المركز القيام بها ضمن برنامج مستقبل العمل الخيري، مشيراً إلى أن الدراسات التي قام بها المركز أكدت على أهمية تكثيف البحوث والدراسات والملتقيات في دراسة واقع العمل الخيري، وأثر التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والقانونية عليه، مع أهمية استشراف مستقبل العمل الخيري بوضع استراتيجيات تساعد صناع القرار الخيري في الانطلاق نحو المستقبل برؤى وآليات جديدة.
وأشار السريحي بأن ما نشاهده من تغيرات سريعة في شتى المجالات جعلتنا نعيش في زمن متغير جداً، مشيراً إلى أن ذلك يستلزم على قادة العمل الخيري أن ينظروا أمالهم ويستكشفوا المستقبل، ويكوّنوا أفكارهم الخاصة بشأن المكان الذي يجب أن يقصدوه ، ومن ثم تحديد الطريق التي ستسير عليها مؤسساتهم، مؤكداً بأن مستقبل العمل الخيري يحتاج منا إلى أن نغير من طريقة التفكير وأن نبدع في تطوير آليات العمل.
وبدأت ورشة العمل بالجلسة الأولى والتي رأسها الدكتور إبراهيم الحديثي حيث تحدث فيها الدكتور محمد العويضي بعنوان "أبرز المتغيرات السياسية المؤثرة على العمل الخيري" وتطرق إلى أن العالم شهد العديد من التحولات الدولية المؤثرة على العمل الخيري، مشيراً إلى أن ذلك دفع المؤسسات الخيرية للتعامل مع الواقع الدولي من خلال الاستفادة من كل المعطيات لصالح العمل الخيري.
وأوصى د.العويضي في حديثه بأهمية مراجعة النفس وتصحيح الأخطاء وتحسين الأداء ووضع خطط جديدة واستراتيجيات مدروسة تفوت الفرصة على من يريد إعاقة مسيرة العمل الخيري أو شل دوره، كما دعا إلى العمل على إنشاء هيئات ومنظمات رسمية وأهلية لتدافع عن المؤسسات الخيرية على غرار المجلس الأوربي المتخصص، كما أكد على نشر ثقافة العمل الخيري والعمل مع المنظمات الدولية لسد الثغرات الموجودة وتشغيل لجان إعلامية من المتخصصين للقيام بإعداد استراتيجيات إعلامية تساهم في توضيح دور العمل الخيري في صناعة حضارتنا الإنسانية. وخلال الجلسة ذاتها تحدث الدكتور رجا بن مناحي المرزوقي البقمي المشرف على مركز الدراسات الآسيوية وأستاذ الاقتصاد والتمويل الدولي المساعد بالمعهد الدبلوماسي بالرياض بعنوان "التحديات التي تواجه العمل الخيري في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية" تطرق فيها إلى التركيز جمع تبرعات لإنشاء وقف خاص بالجمعيات الخيرية في أوقات الرخاء، مع زيادة الدعم الحكومي للجمعيات الخيرية، وهي أحد الآليات التي تزيد الإنفاق الخاص مما ينعكس إيجاباً على الطلب الكلي، فضلاً عن التركيز على الأفراد من خلال برامج الاستقطاع الشهري الميسر والترشيد في المصروفات.
وخلال الجلسة الثانية والتي رأسها الأستاذ الدكتور صالح الرشيد حيث تحدث فيها الأستاذ خالد الفواز الأمين العام للمنتدى الإسلامي بأن الأحداث الأخيرة التي عاشها العالم عملت على تغير خرائط العالم والقوى المؤثرة وسن نظم وإجراءات فرضت من قبل القوى العظمى على المجتمعات الضعيفة، مؤكداً بأن مراعاة حجم التغيرات وأثرها يوجب التعامل مع هذه المتغيرات بالفرص المتاحة موصياً بسن النظم والقوانين الحاكمة للعمل الخيري والتي تضمن للمؤسسات أداء مهامها بسلاسة وإيجابية، مع التأكيد على الرقابة المالية والإدارية لأداء هذه المؤسسات بما يعزز من مصداقية هذا القطاع ويجنبه جميع المزالق المتوقعة.
وأكد الفواز على ضرورة بقاء العمل الخيري عملاً أهلياً يمارس فيه أفراد المجتمع حقهم في خدمة مجتمعاتهم وتنميتها، مع إنشاء مؤسسات متخصصة في حماية المؤسسات الخيرية وتعزيز التحالف مع المؤسسات الدولية ذات الأهداف المشتركة ودعم ومساندة المؤسسات الخيرية التي تتعرض للتصنيف الجائر عن طرق تحويل هذه الاتهامات إلى القضاء.
فيما تحدث الدكتور فؤاد العبدالكريم بعنوان "العولمة وانعكاساتها على العمل الخيري" حيث اقترح إستراتيجية مواجهة التحدي المعرفي المعولم من خلال المبادرة إلى تغيير ذاتي بتحديث الجمعيات الخيرية لنفسها، أهدافاً، وتنظيماً، وتفاعلاً في علاقاتها الداخلية والخارجية، والمساعدة في إحداث تغيير كلي للبنية الثقافية المجتمعية، يطال تغيير ما يحيط به الحذر والشك والخوف من الآخر العالمي.
وأوصى د. العبدالكريم بأن تستجيب الجمعيات الخيرية الخليجية للتغييرات المعرفية العالمية، بتبني برامج عملية للتغيير الذاتي، على ثلاثة مستويات متكاملة أولها تأهيل بيئة العمل النفسية الاجتماعية الثقافية للتغيير، وثانيها تأسيس نظام للبحث والدراسات والتطوير، وثالثها تحديد برنامج لأولويات العمل المستقبلي من خلال التغيير في الفكر والممارسة والحوار والتعددية والاستثمار التشاركي والصيغ المهنية القانونية.
وخلال الجلسة الأخيرة والتي رأسها الأستاذ أحمد الصويان رئيس تحرير مجلة البيان، تحدث الدكتور محمد الأحمري بعنوان "مستقبل العمل الخيري في ظل المتغيرات العالمية" تطرق خلالها إلى أهمية أن تحرص الجمعيات الخيرية في وضع أهداف قريبة في العمل الخيري، مشيراً إلى أهمية تنويع برامج العمل الخيري لتحتوي من يريد أن يفعل خيرا للإنسانية، ومع أهمية توزيع التخصصات وتركيز كل مؤسسة على قضية لاسيما أن الحاجة تدعو لأن يكون في كل مؤسسة بذور لعمل مهم ينعكس على المجتمع.