
قال نجم الدين أربكان رئيس الوزراء التركي السابق وزعيم حزب السعادة الإسلامي إنه عاد إلى الحياة السياسية بعد حظر دام 11 عاما، بسبب اتهامات وصفت بأنها مسيسة تتعلق بتزوير أوراق رسمية. ويأتي ذلك بعد أشهر قليلة من إصدار الرئيس التركي عبد الله جل مرسوما بالعفو عنه.
ونقلت صحيفة زمان التركية ذات الخلفية الإسلامية عن أربكان قوله: "إن قوى عُليا فعلت ما بوسعها لمنعنا من الانخراط في العمل السياسي، لكننا مصرون على أن نقدم خدماتنا لإفادة بلدنا وشعبنا".
ونشرت الصحيفة في عددها الصادر السبت تصريحات أربكان في مؤتمر صحفي، وقال أربكان إن حزبه ذا البرنامج الإسلامي سيصل إلى السلطة قريبا "لإنقاذ تركيا والإنسانية جمعاء من وضعها الحالي"، ملمحا إلى إمكانية أن يتولى رئاسة حزب السعادة ذي المرجعية الإسلامية على أمل "اكتساح" الانتخابات العامة القادمة والعودة إلى منصة الحكم.
ولم يحضر المؤتمر الذي عقد في مقر حزب السعادة نومان كورتولموش رئيس الحزب الحالي، وهو ما أثار تساؤلات حول نزاع محتمل على رئاسة الحزب بينهما. لكن بعض المصادر التركية تشير إلى أن السبب في عدم حضوره هو أنه لم يكن من بين المدعوين للمؤتمر.
وكان كورتولموش قد تولي رئاسة الحزب مؤخرا نتيجة لإلحاح الأوساط الشبابية بداخله إلا أن أربكان يبقى زعيمه الحقيقي ومرجعه الأساسي في جميع شئونه، وخاصة أن كورتولموش يفتقد رغم سمعته الطيبة الشخصة الكاريزمية التي يتمتع بها أربكان.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، رفعت محكمة تركية في العاصمة أنقرة الحظر المفروض على ممارسة أربكان للعمل السياسي، والذي بدأ منذ 11 عاما عندما وُجهت له اتهامات بتزوير أوراق رسمية، الأمر الذي اعتبر سعيا للقضاء على التوجهات الإسلامية من جانب القوى العلمانية المسيطرة على الحياة السياسية في تركيا آنذاك.
ويأتي قرار المحكمة بعد شهور قليلة من إصدار الرئيس التركي عبد الله جل مرسوما بالعفو عن أربكان.
وقال أربكان: "بعد 11 عاما، أخيرا أصبح لي الحق في أن أكون مواطنا عاديا، وأقول لمن يتساؤلون حول ما سأفعله: أننا سنعمل بعزم كبير على أن نصنع تركيا قوية وجديدة كما فعلنا في الماضي".
وحصد حزب "السعادة" 5.3% من أصوات الناخبين في انتخابات المحليات التي جرت في مارس الماضي، مقابل 3.9% في محليات عام 2004، و2.3% في الانتخابات العامة التي جرت عام 2007.
وقال أربكان: "لدينا أمل عظيم بأن نفوز بحصة من الأصوات في الانتخابات العامة المقبلة تمكننا- إن شاء الله- من العودة إلى الحكم".
وتابع: "كيف سنبدأ بالعمل؟ أولا نحتاج لتحليل نتائج انتخابات 29 مارس والتي تعني أن الحزب قد ضاعف نصيبه من الأصوات مقارنة بالانتخابات العامة السابقة في عام 2007".
وحقق حزب السعادة بقيادة أربكان فوزا بحصوله على 34% في انتخابات عام 1996، ما مكنه من تشكيل الحكومة قبل أن يرغمه الجيش التركي على الاستقالة بعدها بنحو عام واحد.
وكان الرئيس الحالي عبد الله جل ورئيس وزرائه رجب طيب أردوغان أعضاء في حزب السعادة قبل أن ينفصلا عنه مع آخرين ويشكلا حزب العدالة والتنمية الحاكم حاليا، بسبب اختلاف طريقة الإدارة بين الفريقين الذين ينتميان إلى أجيال متفاوتة. وقوبل هذا الحزب الجديد بانتقادات واسعة من أربكان الذي يتهمه بالموالاة للغرب وللعلمانيين، بينما أخذ الحزب الناشئ يحقق قاعدة شعبية عريضة بسبب الإصلاحات الاقتصادية وتحجيم الفساد، كما بدأ يأخذ خطوات حثيثة من أجل التغيير دون الاصطدام بالمؤسسات العلمانية في تركيا.