
في مقال له بعنوان "أمريكا لم تعد قوة عظمى" كتب والتر رودجرز -مراسل دولي سابق لمحطة سي إن إن- بصحيفة كريستيان ساينس مونيتور أن التدهور الحالي أسرع مما نعتقد وأن الوقت قد حان لاتخاذ إجراءات جديدة.
وأشار رودجرز في ذلك إلى رمزين أمريكيين هما جنرال إلكتريك وبركشاير هاثاواي، اللتين فقدتا مرتبتيهما الأولى كموضع فخر لفترة طويلة، ثم الصين أكبر دائن لأمريكا، التي دعت إلى عملة عالمية جديدة لتحل محل الدولار بعد أسابيع من مطالبتها واشنطن بضمان سلامة حيازات بكين الدائنة التي تقارب تريليون دولار.
وقال: إن هذه الأحداث هي آخر التحذيرات بأن العالم يتغير بطريقة أسرع وأعمق بكثير مما سنقبله نحن أو ساستنا. وأضاف أن تصنيف أمريكا على أنها صاحبة المرتبة الأولى، وبعبارة أخرى مكانتها كقوة عظمى، قد تدنى بنفس سرعة تدني اقتصادها.
ولفت إلى أن اعتراف الرئيس باراك أوباما الأخير بأن الولايات المتحدة لن تكسب الحرب في أفغانستان هو أوضح إقرار على هذا الواقع المؤلم الجديد.
وتساءل رودجرز عما يريد أوباما أن يقوله للأمريكيين؟ واقتبس عبارة ميلتون بيردن، كبير المحللين السابق في سي آي أي في الشأن الأفغاني التي قالها مؤخرا: "إذا لم تكسب، فإنك تخسر". وعدد الأدلة على أن مكانة أمريكا كقوة عظمى بدأت تضمحل قائلاً: فهذه باكستان المسلحة نوويا بدأت تتفكك رغم مليارات الدولارات من المعونة والدعم الأمريكي.
وتابع: وفي العراق، رغم جهود واشنطن لجعل زيادة القوات تبدو انتصارا أمريكيا مذهلا، أعلن أكثر المحللين الملمين بالمنطقة أن إيران هي الفائز الإستراتيجي من حرب إدارة الرئيس السابق جورج بوش ضد صدام حسين. وأن حرب العراق مكنت إيران بدرجة كبيرة من أن تصير قوة عظمى إقليمية جديدة تبدو الآن لأن تكون المهندس الرئيسي للعراق الجديد.
وزاد: إن عجرفة حقبة بوش قوضت مكانة أمريكا أخلاقيا واقتصاديا كما قوضتها عسكريا. فالتعذيب الممنهج رسميا وفضيحة أبو غريب وغزو أمريكا لدولة مستقلة دون استفزاز.... كل هذا هشم ما تبقى من تفوق أخلاقي تمتعت به أمريكا قبل عام 2003.
وأشار إلى أن تأييد واشنطن الأعمى "لإسرائيل" على حساب الفلسطينيين يراه معظم العالم نفاقا سافرا. ومن ثم فإن طريق تصادم أمريكا مع الإسلام قد يكون أكيدا. فالمسلمون يوقنون أن الإسلام لم يخسر أبدا الأخلاق العالية والمسلمون غير مستعدين للتخلي عنها من أجل العلمانية الغربية.