
اعتبر تقرير صادر عن منظمة "هيومان رايتس ووتش" الحقوقية التي تتخذ من نيويورك مقرا لها أن استخدام جيش الاحتلال "الإسرائيلي" لقذائف "الفسفور الأبيض" في قصف مناطق مأهولة بالمدنيين في قطاع غزة، يُعد دليلاً واضحاً على ارتكاب الكيان الصهيوني "جرائم حرب".
وقالت المنظمة في تقرير لها أمس الأربعاء، إن جيش الاحتلال "الإسرائيلي"، أثناء عملية "الرصاص المصبوب"، التي بدأت أواخر يناير الماضي واستمرت 22 يوماً، تعمد إطلاق قذائف الفسفور الأبيض في العديد من المناطق داخل قطاع غزة، بصورة عشوائية ودون تمييز.
وأورد التقرير، الذي يحمل عنوان "أمطار النار: استخدام إسرائيل غير القانوني للفسفور الأبيض في غزة"، وجاء في 71 صفحة، روايات لشهود ومراقبين على الآثار المدمرة التي خلفتها قذائف الفسفور الأبيض، التي طالت المدنيين والكثير من المنشآت المدنية في غزة.
ويتضمن التقرير أدلة مستخلصة من تحليل المقذوفات، ومن الصور الفوتوغرافية، وصور القمر الصناعي، وكذلك وثائق للجيش والحكومة الصهيونية، كما يوثق نسقاً أو سياسة لاستخدام الفسفور الأبيض، قالت المنظمة إنها لا بد أن تتطلب موافقة مسؤولين عسكريين من ذوي الرتب الرفيعة.
وفور انتهاء أعمال القتال عثر باحثو "هيومان رايتس ووتش"، بحسب التقرير، على مقذوفات فارغة وعبوات وعشرات الشظايا المغمسة بالفسفور الأبيض في شوارع مدينة غزة، وعلى أسقف البنايات السكنية، وفي مدرسة تابعة للأمم المتحدة.
وقال فريد أبراهامز، وهو باحث طوارئ رئيسي في المنظمة الحقوقية: إن "الإسرائيليين" لجأوا إلى استخدام قذائف الفسفور الأبيض "حتى عندما لم تكن القوات "الإسرائيلية" في المناطق المستهدفة، وفي ظل توافر قذائف دخانية أكثر أمناً، ونتيجة لذلك عانى المدنيون بشكل لا مبرر له، ولاقوا حتفهم". وأضاف: "يجب تحميل كبار المسؤولين العسكريين ("الإسرائيليين")المسؤولية جراء وفيات المدنيين بلا داعي، نتيجة لاستخدام الفسفور الأبيض".
وكانت المنظمة قد تقدمت بأسئلة تفصيلية إلى جيش الاحتلال "الإسرائيلي"، في الأول من فبراير الماضي، بشأن استخدامه الفسفور الأبيض في غزة، إلا أن الجيش الصهيوني رفض الرد على تلك الأسئلة، متذرعاً بإجراء تحقيق داخلي تجريه القيادة الجنوبية بالجيش.
وقالت هيومان رايتس ووتش إن الجيش "الإسرائيلي" كان يعرف بأن الفسفور الأبيض يهدد حياة المدنيين، إذ تم إعداد تقرير طبي أثناء أعمال القتال الأخيرة من جانب وزارة الصحة "الإسرائيلية"، ورد فيه أن الفسفور الأبيض "يمكن أن يؤدي لإصابات خطيرة والوفاة حين يلامس الجلد، أو لدى استنشاقه أو ابتلاعه".
ويمكن للحروق بنسبة أقل من 10 في المائة من مساحة الجلد، أن تكون قاتلة، لأنها قد تؤدي لأضرار تلحق بالكبد أو الكليتين أو القلب، حسب تقرير الوزارة "الإسرائيلية"، ويمكن بسهولة أن تتلوث الحروق، وقد يؤدي امتصاص الجسد لهذه المادة الكيماوية، إلى "أضرار جسيمة في الأعضاء الداخلية، وربما الوفاة".
وجميع قذائف الفسفور الأبيض التي عثر عليها فريق هيومان رايتس، مصنوعة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1989، في شركة "ثايكول إيروسبايس"، التي كانت تدير في ذلك الحين مصنع ذخائر الجيش في لويزيانا، بحسب التقرير، ولذلك اختتمت المنظمة تقريرها بالقول إن الحكومة الأمريكية، التي أمدت "إسرائيل" بذخائر الفسفور الأبيض، ينبغي عليها هي الأخرى، أن تجري تحقيقاً لتعرف ما إذا كانت "إسرائيل" قد استخدمت تلك الذخائر على نحو يشكل خرقاً لقوانين الحرب.