
دعت مجموعة من القضاة والمحققين الدوليين البارزين إلى إجراء تحقيق فوري ومستقل وغير متحيز في جرائم الحرب التي ارتكبتها "إسرائيل" في حربها الأخيرة على قطاع غزة. جاء ذلك في رسالة أرسلت إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اليوم الاثنين.
وقال 16 شخصا وقعوا على الرسالة من بينهم ريتشارد جولدستون كبير المدعين سابقا ليوغوسلافيا ورواندا والأسقف ديزموند توتو الحاصل على جائزة نوبل، أن كلا من طرفي الصراع ("إسرائيل" والمقاومة الفلسطينية) لديه مزاعم يتعين الرد عليها ولابد من المحاسبة.
وتقول الرسالة إن مزاعم بارتكاب انتهاكات خطيرة لقوانين الحرب ظهرت طوال الحرب، خصوصا ما يتعلق بسلوك وتصرفات الجيش "الإسرائيلي" تجاه الفلسطينيين بالإضافة إلى عمليات المقاومة الفلسطينية المسلحة.
"وبدون توضيح الحقائق بأسلوب موثوق به وموضوعي سيكون من الصعب على تلك المجتمعات التي تحملت الثمن الباهظ للعنف تجاوز الآثار الرهيبة للصراع"، على حد قول الرسالة.
وسيقدم إجراء تحقيق فوري ومستقل وغير متحيز سجلا علنيا للانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي التي ارتكبت ويوفر توصيات بشأن الطريقة التي يتعين بها محاسبة هؤلاء المسؤولين عن الجرائم.
وقال جولدستون والآخرون في رسالتهم إن الأحداث التي وقعت في غزة هزتهم بعمق مضيفين أن هناك حاجة لإجراء تحقيق مستقل للالتزام بالقوانين التي كفلتها اتفاقيات جنيف بشأن الحرب.
وأضافت الرسالة التي وزعتها منظمة العفو الدولية: يجب على العالم أن يطالب بشكل يقظ باحترام تلك المعايير وأن يحقق ويدين خرقها. واعتبرت أن لجنة التحقيق لابد وأن تشكلها الأمم المتحدة ولكن يجب ألا تقتصر على التحقيق في الهجمات على منشآت الأمم المتحدة وأن يكون لديها أكبر قدر ممكن من الخبرة.
وشنت "إسرائيل" حربا دامية على قطاع غزة استمرت أكثر من 3 أسابيع وانتهت في 18 يناير 2009 بوقف لإطلاق النار. وادعت "إسرائيل" أن الهجوم البري والبحري والجوي الذي نفذته في مناطق سكنية كان يستهدف عناصر المقاومة الفلسطينية. لكن الحرب أسفرت عن مقتل 1434 فلسطينيا منهم 960 مدنيا و239 شرطيا و235 من عناصر المقاومة الباسلة. ومن بين المدنيين القتلى 288 طفلا و121 امرأة، بحسب جماعة فلسطينية لحقوق الإنسان.
واستخدم الاحتلال "الإسرائيلي" في حربه الغاشمة أعتى أنواع الأسلحة وأكثرها فتكا مثل الفسفور الأبيض المحرم دوليا. ويسمح القانون الدولي باستخدام الفسفور الأبيض في الأماكن المفتوحة لتغطية انسحاب الجنود، لكن يحرم استخدامه كسلاح ضد أي شخص سواء مدني أو عسكري، كما يحرم استخدامه في الأماكن السكنية. واستخدم الجيش "الإسرائيلي" أسلحة الفسفور الأبيض في الأماكن السكنية كما استخدمه كسلاح ضد المدنيين العزل.
وأسفر استخدام هذا السلاح الفتاك عن إصابات بالغة للجرحى كما أودى بحيات المئات من الفلسطينيين، وقال أطباء في مستشفيات غزة إن بعض المصابين الذين وصلوا إلى المستشفيات في أعقاب غارات على أماكن سكنية كانوا مصابين بحروق غريبة. وفي بعض الحالات تفحمت الأجساد بالكامل وتكشفت العظام.
ومن جانبها، تزعم السلطات "الإسرائيلية" أن الجيش بذل كل الجهود لتقليل الضرر الذي يلحق بالسكان المدنيين إلى الحد الأدنى، بحسب متحدث عسكري. ولا تكتفي "إسرائيل" بذلك بل تتهم حركات المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية حماس بارتكاب جرائم حرب، زاعمة أنها استخدمت المدنيين كدروع بشرية، وكأن مثل تلك الدروع قد تمنع "إسرائيل" من توجيه الضربات حفاظا على المدنيين، وهي التي قتلت منهم المئات.