
تناولت عدة صحف بريطانية أوضاع الاحتلال الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في أفغانستان معتبرة أن الحرب باتت مكلفة بالنسبة للقوات البريطانية. وفي ذكرى انسحاب الاحتلال السوفيتي من البلاد، اعتبرت صحيفة أن الاحتلال يغرق في مستنقع أكبر من الذي وقع فيه السوفييت قبل 20 عاما وأدى إلى خروجهم مندحرين.
وقالت صحيفة "الجارديان" إن كلفة الحرب التي يقودها الجيش البريطاني في أفغانستان بلغت 2.5 مليار جنيه إسترليني، حيث صُرف جزء كبير منها على تزويد الجنود بسيارات مصفحة تقيهم خطر العبوات الموضوعة على جانب الطريق. واستندت الصحيفة إلى أرقام صادرة عن وزارة الدفاع البريطانية حديثا تفيد بأن حجم كلفة حرب العراق لهذا العام وحده بلغت نحو ملياري دولار، وفي الوقت الذي تستعد فيه لندن إلى سحب جنودها من العراق، وبينما لم تتخط كلفة العام السابق 1.5 مليار علما أن الجيش البريطاني كان لا يزال منتشرا حينها.
وتشير الصحيفة إلى أنه على الرغم من الانتقادات التي تتعرض لها الحكومة البريطانية داخليا وخارجيا، فإنها سوف تقوم بزيادة عدد جنودها في أفغانستان تلبية لطلب الولايات المتحدة.
ومن جانبها، تناولت صحيفة "التايمز" الخسائر الأمريكية للحرب في أفغانستان. وذكرت أن الولايات المتحدة فقدت أثر نحو 222 ألف قطعة سلاح في أفغانستان منذ عام 2001، حيث يرجح أنها باتت في أيدي المقاومة التي تقودها طالبان. وتفيد الصحيفة بأن الجيش الأمريكي لم يدون هذه القطع في سجلاته ما كان من المفترض أن يسمح له بإحصائها وتعقبها.
أما صحيفة "الجارديان" فقد اعتبرت في مقال لها أن الاحتلال يعاني في مستنقع أفغانستان أكثر مما عانى الاتحاد السوفيتي السابق عندما احتل البلاد. وجاء في مقال بعنوان: "حالة الناتو في مستنقع أفغانستان أسوا مما كانت عليه حالة روسيا"، إن "خسائر الأرواح عند قوات التحالف أقل بكثير منها عند السوفيات، لكن الوضع مشابه كثيرا".
وروى كاتب المقال جونثان ستيل كيف كان هو "الصحفي الأجنبي الوحيد الذي توجه إلى كابول قبل 20 عاما بالضبط بينما كانت القوات السوفياتية تعبر نهر الأكسوس، وهي الحملة العسكرية التي دامت تسع سنوات وراح ضحيتها زهاء 15 ألف جندي".
ويقول ستيل: "زار المبعوث الأمريكي الخاص إلى المنطقة ريتشرد هولبروك أفغانستان، ربما دون التفكير في أن التدخل الأمريكي في البلاد أوشك أن يصبح بطول التدخل السوفياتي. وللعلم، فإن الروس في مثل هذه المرحلة كانوا يستعدون للرحيل، بينما الولايات المتحدة والناتو يستعدون لإطالة مقامهم".
وحسب الكاتب، فإن "تمكن الرئيس الأمريكي باراك أوباما من حشد الدعم الكافي لخطته بإرسال 30 ألف جندي إضافي، إضافة إلى الزيادة المتوقعة في عديد قوات الناتو، فإن إجمالي القوات الأجنبية سيناهز نظيرتها السوفياتية لما بلغت أوجها، وهو 115 ألفا.
وأضاف: "طبعا خسائر الأرواح عند قوات التحالف أقل بكثير منها عند السوفيات، لكن الوضع مشابه كثيرا.. فهي تسيطر على العاصمة وبعض المراكز الإقليمية، بينما تستعصي عليها الأرياف التي تخضع لنفوذ المقاومة، وهي خليط من الإسلاميين الأصوليين والقوميين البشتون وزعماء القبائل المحلية والملالي والمجاهدين العرب- وهم أشبه بالمجاهدين الذين واجهوا الروس. لكن الفرق هو أنهم كانوا يعتمدون على دعم الغرب وباكستان في الثمانينيات، أما اليوم، فتكفيهم الأرباح التي تدرها عليهم تجارة المخدرات"، على حد زعمه.
ومن الأسباب التي تجعل مهمة الناتو أصعب في نظر الكاتب حركة طالبان التي لم يكن لها وجود قبل عقدين، والتفجيرات الانتحارية التي لم تكن شائعة آنذاك. "كما إن قوات الشرطة والجيش الأفغانيين كانا أكثر فعالية مما هي عليه اليوم".
ويسترسل ستيل: "وطبعا أهداف موسكو آنذاك كانت أكثر تواضعا من أهداف القوات الأجنبية اليوم، فهي لم تكن تحاول "تغيير النظام" بل فقط حماية الحكومة من حرب أهلية تهددها. ولو إن صقور الغرب يدعون أن الاتحاد السوفياتي كان يتربص بموانئ الخليج، فإن أهداف موسكو كانت فعلا محدودة، فهي أرادت دعم حكومة حليفة ضد المجاهدين خوفا من تحول أفغانستان إلى حصن موال للغرب".
وفي الوقت الذي يزور فيه ريتشارد هولبروك الموفد الأمريكي الجديد إلى أفغانستان وباكستان، تناولت "التايمز" في تقرير آخر المهمة المكلف بها، مشيرة إلى أنه سيلتقي العديد من قادة الشرطة الأفغان قبل أن يجتمع بالرئيس الأفغاني حامد قرضاي.
ويقول التقرير إن واشنطن تضغط على قرضاي من أجل تحسين أداء حكومته، غير مستبعد أن ترفع دعمها له في حال لم يتحسن الوضع حتى الانتخابات المقبلة. كما تضعت الولايات المتحدة على باكستان لمحاربة ما تسميه واشنطن بـ"الملاذات الآمنة التي يتمتع بها الإرهابيون" في المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان.