18 صفر 1430
المسلم ـ خاص

ثمّن الشيخ الدكتور ناصر العمر تحرك العلماء وإسماعهم الأمة، حكاماً ومحكومين صوتهم أثناء أزمة غزة وبعدها.
وأكد د.ناصر بن سليمان العمر في كلمته التي ألقاها في مستهل الجلسة الثانية في اليوم الأول لمؤتمر "غزة النصر" المنعقد في اسطنبول الخميس أن "صوت العلماء قد برز عاليا مستقلا وكان لهم سبق القيادة في الأزمة حين تخلفت أكثر الأنظمة السياسية وفشلت فشلا ذريعا بشهادة الواقع مما أفقد الكثيرين مصداقيتهم أمام شعوبهم بل أمام الأمة."
وأوضح د.العمر المشرف العام على موقع المسلم أن هذا الاستقلال إنما هو نابع من صدور العلماء المهتدين بهدي الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم عن قناعات تقودهم إليها "منطلقات شرعية خالصة ويجتهدون في ذلك قدر مستطاعهم ولا يهم بعد ذلك إن كان منتهى قولهم يتفق مع طرف دون آخر، أو يعارض هذا الموقف أو ذاك، سواء على المستوى السياسي أو الشعبي؛ فالعالِم يصدع بالحق الذي يدين الله به ويؤدي اجتهاده إليه دون تأثير من أي قوى كانت سياسية أو جماهيرية؛ لأن العالم المعتبر هو عالم الملة لا عالم الأنظمة والجماهير."
وفيما أكد فضيلته على اهتمام الأمة بما يصدر عن العلماء، عتب على بعض العلماء عدم إدراكهم لقوة تأثيرهم، وإمكاناتهم التي يمكنهم من خلالها أن يفيدوا بها الأمة، وينهضوا بها؛ فيعمدون إلى تبني مشاريع وأفكار هي دون ما يمكنهم فعله.
وأشاد فضيلته بـ"تقارب مواقف العلماء في مواقفهم واجتماعهم في ظل الأزمة تحت راية واحدة تستجمع الصفوف لمقاومة العدوان وترفعهم عن كثير من النظرات الحزبية الضيقة"، وتبنيهم لبيانات متنوعة، الاختلاف بينها لا يعدو كونه اختلاف تنوع وتكامل، وإن ظلت بحاجة إلى تنسيق إعلامي وفكري أكبر.
واعتبر د.العمر أن "تعاطي العلماء مع حالة غزة قد مثّل نموذجا لما يمكن وما يجب أن يقوم به العلماء من دور قيادي واسع يمتد إلى ما وراء الوقوف عند حد الفتيا النظرية وما يمكن أن يتعدى أزمة غزة إلى أزمات الأمة الأخرى امتثالا لقوله تعالى (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)"
وأوضح فضيلته أن "الاستقلال الذي ندعو إليه هو استقلال عن كافة الأهواء البشرية والتجرد لرب البرية سبحانه وتعالى، والقيام له بالقسط ولو على حساب النفس وحظوظها أو الوالدين أو الأقربين، وهذا لا يتعارض مع المشاركة في المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع، بل قد يكون واجباً عينياً على بعض العلماء، حتى لا تخلو الدول من العلماء الربانيين والدعاة المهتدين والرجال الصالحين الذين يمثلون منهج الحق والاعتدال والوسطية ويمثلون الاستقرار في الاستقامة والبعد عن الغموض والاضطراب في المجتمعات والدول."
ودعا د.العمر إلى "المحافظة على منهج واضح ونقي يمثل منهج الوسطية الحقة رغم قوة التجاذب بين طرف يحاول تبني المعركة واختطاف رايتها وبين طرف متساهل لم يستثمر الأحداث واستسلم لضغط الواقع والساسة رغم وضوح القضية والراية."
وفيما يخص المقاومة الفلسطينية، قال فضيلته أنه "إن كان من حق المقاومة على العلماء النصرة والتأييد و تجييش الأمة فإن من حق العلماء على المقاومة أن يستمعوا لها وأن يصدروا عن رأيها وأن يقدموا لرؤيتها الشرعية الاحترام اللائق . وإن كنا نسلم للمقاومة حق تقدير الموقف فإن لمن أيدها حقوقا ينبغي أن تؤخذ بالاعتبار لاسيما إن كانت تتعلق بمسائل شرعية لا تخضع لتفسيرات سياسية معنية يلفها الغموض وينقصها الوضوح والثبات".
ورأى د.العمر أن مما ينبغي على العلماء الانفتاح على النخبة وتضييق الهوة معها، وإفادة كل منهما بما لدى الآخر رغبة في النهضة بهذه الأمة، وقطع الطريق على من يعمل على تفريق شرائح المجتمع وأركانه.