أنت هنا

27 محرم 1430
المسلم/ متابعات

قال الشيخ الدكتور صالح بن محمد آل طالب في خطبته التي ألقاها اليوم الجمعة بالحرم المكي الشريف: إن الحرب على غزة لم تكن كسائر الحروب بل كانت خرقا صارخا لكل معاني الإنسانية حيث رأى العالم أبشع أنواع القتل والتدمير.

 

 

وأشار الشيخ صالح إلى استخدام الاحتلال للأسلحة المحرمة ضد المدنيين الفلسطينيين, وعدم تفريقه بين النساء والأطفال والمدرسة والمسجد والبيوت والمستشفيات, ووصف ممارسات الاحتلال بأنها "مجنونة تقشعر لها الأبدان".

واستنكر الشيخ صالح الهجوم على الشعب الفلسطيني الأعزل المحبوس في غزة, موضحا أن هذه الحرب كشفت زيف المنظمات الأممية والدولية.

 

وأكد على أن الدماء والأشلاء الفلسطينية التي أريقت في غزة لها ثمن ينبغي أن لا يضيع, وأن التضحيات التي قدمها أهل غزة يجب ألا تذهب هدرا, والموقف اليوم موقف قطاف واستثمار ومحاسبة ومراجعة لا موقف بكاء وتلاوم .

 

وأفاد الشيخ صالح بأن على الرغم من كل هذه الجراح فإن هناك عظات وحقائق ينبغي اعتبارها, من أهمها: أن الإيمان أقوى من كل قوى البشر وأن الميزان ليس بكثرة العدد والعدة؛ فقد استطاع الشعب المحاصر الذي لا يجد رغيف الخبز أن يقف أمام جيش مدجج بأحدث الأسلحة ويجبره على التقهقر دون التوصل لتحقيق أهدافه, كما أن فيها إعلان هوية الأمة حين تستنصر بالله ويقاتلون في سبيل الله ويلفظ الشهيد أنفاسه بتوحيد الله ويصرخ الجميع "حسبنا الله ونعم الوكيل", فالصبر والصمود والإيمان والثبات هو عنوان النصر.

وأضاف: إن أحداث غزة أظهرت التلاحم بين المسلمين وترابطهم وتداعيهم لنصرة إخوانهم في الدين, موضحا أن الشعوب الإسلامية وصلت لمرحلة من الوعي والإدراك ينبغي التعامل معه بقدر من المسئولية, مؤكدا أن من المبشرات أن تعي الأمة حقيقة ما يدبر لها من مؤامرات, وأن قضية فلسطين هي قضية كل المسلمين وليست قضية شعب ولا عرق ولاحزب ولا منظمة.

 

وتابع الشيخ صالح: لقد مرت على أمة الإسلام خلال القرنين الماضيين خطوب وكروب وصراعات وجراحات, ولكنها أمة تمرض ولا تموت ولا تستسلم. إن ضخامة الحدث يدعونا للاستفادة منه لتوثيق الإخاء وتوحيد الصفوف, حيث أن قضيتنا واحدة والعدو واحد.

 

وذكر أن ما حدث يؤكد أن الأمة عندها من المقومات ما يجعلها قادرة على تحقيق آمالها حيث أثمر التمسك بالدين والاستنصار برب العالمين. وقارن الشيخ صالح بين العلاقات في الإسلام التي تقوم على العدالة بينما تقوم في الحضارة المعاصرة على المصالح المشتركة, حيث تتخلى عن عبادة الله إلى عبادة التقدم المادي, لافتا إلى ما يحدث في العراق وغزة.

 

واعتبر أن ما يحدث في فلسطين بأيدي الصهاينة ومن يظاهرهم ليس حربا ولا مجرد صراع ولكنه إبادة شعب واستئصال عرق وطمس هوية و"إرهاب" دولة, تحت سمع وبصر دول في يدها اتخاذ القرار, نافيا أن يكون هناك إمكانية للسلام في ظل هذه الظروف.

 

وزاد الشيخ صالح: لقد قدمت الحضارة الغربية "إسرائيل" كمثال للحرية والديمقراطية التي ينبغي نشرها في الشرق الأوسط وهاهو العالم يرى أبشع صورة لما يكون عليه الإنسان عندما يتجرد من كل معاني العدل والرحمة.

وقال: لقد زادت حرب غزة المسلمين يقينا من عدم جدوى المنظمات الدولية حيث أنها لا تقوم إلا بما هو في صالح أعداء الأمة, داعيا العرب إلى تجاوز مرحلة الصمود إلى مرحلة الانتصار ولو على الصعيد السياسي والاقتصادي خصوصا لما يتمتعون به من مميزات حضارية وثروات مادية وموقع إستراتيجي.

 

كما استنكر استدراج الأعداء للأمة لجعل قضية فلسطين تخرج من إطارها الإسلامي إلى إطارها القومي والوطني؛ "الأمر الذي أضعفها وأدى إلى ضياعها في تيه النكاسات, وهو الأمر الذي أكدت عليه أحداث غزة, حيث تراجع العدو خوفا من غضبة الأمة".

 

كما لفت إلى أن الأحداث الأخيرة أكدت لشعوب الدول الغربية مدى تحيز حكوماتهم للمعتدين على حساب الضحايا الأبرياء, واستدل باختيار على ذلك رئيس جديد في إحدى الدول الكبرى لرفعه شعار التغيير.