
أمرت إحدى المحاكم في العاصمة الهولندية أمستردام، بملاحقة البرلماني اليميني جيرت فيلدرز قضائياً، بتهمة "التحريض على الكراهية"، على خلفية تصريحاته المعادية للمسلمين، وفيلم "فتنة"، الذي بثه على شبكة الانترنت العام الماضي، والذي انطوى على إساءات بالغة للإسلام.
ووفقاً لما ذكرت إذاعة هولندا العالمية، فإن محكمة أمستردام اعتبرت تصريحات فيلدرز البالغ من العمر 43 عاماً، العضو في البرلمان عن حزب الحرية اليميني "نوعاً من الحض على الكراهية"، سواء في مضمونها أو في طريقة عرضها، وقالت "إنه أهان المسلمين أنفسهم، من خلال تعرضه للرموز الإسلامية بالإساءة، وبوسائل أخرى".
وقالت المحكمة في بيان صدر عنها أمس: إن "نشر الكراهية في نظام ديمقراطي، أمر خطير إلى درجة يجعل من الضروري وضح حدود واضحة، من أجل المصلحة العامة"، وذلك في إطار عرض المحكمة للحيثيات التي استندت إليها في اتخاذ قرارها بملاحقة السياسي المعروف.
وأضاف البيان قائلا: "لقد أمرت محكمة الاستئناف في أمستردام بمقاضاة عضو البرلمان خِيرت فيلدرز بسبب إثارته الكراهيَّة والتفرقة، وذلك بناء على تصريحات كان قد أدلى بها عبر وسائل الإعلام المختلفة بخصوص المسلمين ومعتقداتهم".
وأردف البيان بالقول: "إن المحكمة تفكِّر أيضا بإجراء محاكمة جنائيَّة (بحق فيلدرز)، وذلك لإهانته المسلمين بمقارنته الإسلام بالنازيَّة".
وشددت المحكمة على أنها لم تجد تعارضاً بين قرارها بملاحقة النائب البرلماني، وبين ما تتضمنه المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان، فيما يتعلق بحق حرية التعبير.
يُشار إلى أنَّ قرار المحكمة المذكورة يدحض القرار الذي كان مكتب النائب العام الهولندي قد أصدره العام الماضي وقال فيه إن فيلدرز أدلي بتصريحاته خارج البرلمان كإسهام منه بالنقاش الدائر حول الإسلام في المجتمع الهولندي، مضيفا أنه لم يتم بذلك ارتكاب جرم جنائي.
وكانت النيابة العامة الهولندية، قد أجرت تحقيقات مع فيلدرز في وقت سابق من العام الماضي، امتدت لقرابة ستة شهور، خلصت في نهايتها إلى عدم ملاحقته قضائياً، كما أمرت بحفظ الدعاوى التي أُقيمت ضده، زاعمة أن تصريحاته تأتي في إطار "حرية التعبير"، وقالت إنها "لا تتضمن شيئاً مخالفاً للقانون".
وكان فيلدرز قد أدلى بتصريحات لوسائل الإعلام، العام الماضي ووصف فيها "القرآن" بأنه "كتاب فاشي"، قائلاً إنه يشبه كتاب "كفاحي" للزعيم النازي الألماني أدولف هتلر، وبث فيلماً بعنوان "فتنة" على شبكة الانترنت في مارس الماضي، مدته 15 دقيقة، يتضمن صوراً "مسيئة" للنبي محمد عليه الصلاة والسلام وللإسلام، رغم تحذيرات حكومة في أمستردام بأن عرض الفيلم قد يؤدي إلى الإضرار بالمصالح الهولندية في الخارج.
وفور بث الفيلم، تتالت البيانات من الاتحاد الأوروبي ومنظمة المؤتمر الإسلامي والأمين العام للأمم المتحدة، الذين أدانوا العمل باعتباره "مثيراً للكراهية"، وشكلاً من أشكال "التمييز ضد المسلمين"، كما اندلعت المظاهرات في العديد من المدن الإسلامية.
ويبدأ فيلدرز فيلمه المثير للجدل بكلمات مقتبسة من القرآن، ومن ثمَّ يتبعها ببث للقطات مأخوذة من هجمات الحادي عشر من سبتمبر من عام 2001 على الولايات المتحدة وتفجيرات لندن عام 2005 وتفجيرات قطارات مدريد.
كما يظهر في الفيلم محتجُّون يرفعون يافطات ولوحات كُتبت عليها شعارات منها واحد يقول: "فليبارك الله بهتلر" وآخر جاء فيه: "لتذهب الحريَّة إلى الجحيم". وينتهي الفيلم ببيان يقول: "أوقفوا الأسلمة ودافعوا عن الحريَّة".
وبنى "حزب الحريَّة" الذي يتزعمه فيلدرز، والذي يضم تسعة أعضاء في البرلمان الهولندي، شعبيَّته بشكل كبير عبر التخويف من المهاجرين المسلمين والتعبير عن الامتعاض منهم.