
بحضور العلامة الشيخ/ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين- عضو الإفتاء بالمملكة العربية السعودية سابقًا،- وفضيلة الشيخ د/ ناصر بن سليمان العمر- المشرف العام على موقع المسلم-، وفضيلة الشيخ/ سليمان بن وائل التويجري- عميد كلية الشريعة بجامعة أم القرى سابقًا-، اجتمع عددٌ من العلماء والقضاة وأساتذة الجامعات بمكة المكرمة للتشاور والتباحث حول الظلم والعدوان اليهودي على قطاع غزة.
وخلص المجتمعون في نهاية اللقاء إلى تحريم المبادرات التي تعترف بحق لليهود في فلسطين، وتحريم التطبيع، ودانوا لمز المنافقين للمقاومة في فلسطين، وأكدوا على شرعية المقاومة الفلسطينية، وأن عملها من أعظم الواجبات المتحتمة على الأمة الإسلامية، وأثنوا على جهدها في هذا الصدد، معتبرين أن التهدئة مع العدو مشروعة شريطة أن تكون مؤقتة لا دائمة.
وقد استهل اللقاء بكلمة ترحيبية من الشيخ د/ سليمان التويجري، ذكر فيها أن الحرب على غزة ليست حربًا على حماس، بل هي امتداد للصراع بين الإسلام والكفر، ونبه إلى أن الحاجة ماسة في هذه الأيام إلى تراص الصفوف والتكاتف لصد أعداء الأمة الإسلامية الذين تكالبوا عليها في الداخل والخارج.
وطلب من العلماء خاصة القيام بدورهم في إيقاظ الأمة، فالفرصة سانحة والنفوس مهيأة للسماع من العلماء الذين عليهم مسؤولية مضاعفة تجاه أئمة المسلمين وعامتهم.
ثم تلي ذلك كلمة للعلامة الشيخ/ عبد الله بن جبرين أثنى فيها على الدور الذي يبذله أهل الجهاد في غزة من كبت للعدو اليهودي الذي يخطط ويطالب بكثير من بلاد المسلمين، حتى إن مطامعهم (في دولة إسرائيل الكبرى) تصل إلى شمال المدينة، ثم أوصى العلماء بالتواصل مع الناس وأحيائهم، مذكراً بأن حرب هؤلاء الأعداء دينية وليست لأجل الأشخاص، ونبه إلى أن ما أصابنا وأصاب أهل غزة هو من الابتلاء الذي ذكره الله عز وجل في قوله تعالى: { لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرًا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور }.
وطلب من الجميع المجاهدة بالمال والدعاء، وأشار- حفظه الله- إلى ذلة اليهود، ووصفِ القرآن الكريم لهم بذلك مقرونة بالغضب والمسكنة وهم كذلك، غير أن ما دفعهم وشجعهم هو تعاون الصليبيين معهم، مبشراً بأن هذا العدو سينهزم تحقيقًا لإسلامنا وديننا، ثم ختم كلمته بالدعاء على اليهود وأتباعهم، والنصرة والتمكين للمسلمين.
ثم تحدث فضيلة الشيخ/ ناصر العمر، وبدأ كلامه بالحديث عن أهمية مثل هذه اللقاءات بين أهل العلم، لما لها من تأثير في دعم إخواننا في غزة عندما تصل إليهم، إضافة إلى أنه ينتج عنها بعض الأعمال التي يبارك الله فيها.
وأشار- حفظه الله- إلى حاجة الناس للبيان، وهذه مهمة العلماء، وألمح إلى وعد المصطفى صلى الله عليه وسلم بقتل اليهود في فلسطين، فهم يتجمعون لذلك، ولكن الأمر يحتاج إلى صبر ومصابرة، ونبه إلى ما ورد في سورة القصص التي كل ما فيها محكم، فتلا قول الله تبارك وتعالى: { إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعة يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم...}، { وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه }، فيبدأ هلاك فرعون من ولادة موسى عليه السلام وتربيته.
ثم في قضية التيه، فبقي الجيل السابق في تيه أربعين سنة، ثم يموت موسى عليه السلام، وينتهي جيلٌ، ليأتي جيل يوشع بن نون الذي قام بالجهاد، وشرط أن لا يتبعه من تعلق قلبه بالدنيا، ثم يوقف الشمس بأمر الله فتقف له.
فهذا في فلسطين بإذن الله جيل جديد.
ثم شارك فضيلة الشيخ العلامة/ عبد الله البراك بمداخلة هاتفية أثنى فيها على اللقاء، وقال: إن هذا من حقوق الأخوة الإيمانية التي هي أوفي الوثائق الإيمانية، وهذه الأخوة تستوجب النصرة لإخواننا في غزة بالقول والفعل حسب الاستطاعة، ونبه إلى أن هذا الإجماع من نصرتهم والتشاور فيما يمكن أن ينفعهم ويبذل لهم، ثم أثنى على جهود أهل غزة وأنهم تحملوا في سبيل جهاد هذا العدو، والذي تسانده قوى الكفر في جميع الأرض، ولاشك أن من النصر بقاءهم كل هذه المدة مع استعمال شتى أنواع الأسلحة التي يقال عنها أنها محرمة دوليًا، وهي محرمة على غيرهم، ولا يرونه محرمة عليهم، ثم ختم كلمته بالدعاء لمن حضر وشارك.
وبدأ بعد ذلك البرنامج العلمي والاستماع للمداخلات بدءًا بمداخلة فضيلة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الرحمن العجلان- مدير المعهد العلمي سابقًا-، ود/ إبراهيم الجار الله، ود/ راشد بن فوزي الشهري- القاضي بمحكمة الطائف-، والشيخ د/ محمد بن سعيد القحطاني- أستاذ العقيدة المشارك بجامعة أم القرى سابقًا-، والشيخ/ بدر بن إبراهيم الراجحي- قاضي المحكمة العامة بمكة المكرمة-، والشيخ/ أحمد بن محمد السهلي- الداعية المعروف بمحافظة الطائف-، وختم اللقاء بمداخلة الشيخ د/ علي بن سعيد الغامدي- المدرس بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية سابقًا.
وقد أثنى المداخلون على اللقاء، وأبدوا أهميته، واتفقوا على بعض الخطوات العملية تجاه نصرة إخواننا في غزة، وصدر في نهاية اللقاء بيان مكة الثاني في مناصرة أهل غزة، والذي حوي جملة من الحقائق الشرعية أجملت في ثمان نقاط.
أولاً: أن السعي إلى تحرير فلسطين هو واجب شرعي على الشعوب والحكومات، وأن ما تقوم به الفصائل الجهادية لتحقيق هذا المقصود هو من أعظم الواجبات الشرعية.
ثانيًا: حرمة مبادرات السلام التي تتضمن الاعتراف بحق اليهود في أرض فلسطين، وتطبيع العلاقات معهم.
ثالثًا: شرعية تهدئة فصائل المقاومة مع العدو اليهودي، بشرط أن تكون مؤقتة، على أن تستقر فصائل المقاومة الجهادية في بناء قدراتها الإيمانية والتربوية والعسكرية والاقتصادية.
رابعًا: أن لمز المقاومة وانتقاصها هو من نهج المنافقين وديدنهم.
خامسًا: مشروعية الجهاد والمقاومة لأهل فلسطين مادام الاحتلال في أرضهم ويمارس الحصار عليهم.
سادسًا: الدعوة للعلماء بتحمل مسؤوليتهم الشرعية في توجيه الأمة ونهوضها لم يحقق مرضاة ربها، وبيان الواجب الشرعي المنوط بشرائع المجتمع كافة.
سابعًا: الدعوة لعموم الأمة حكومات وشعوبًا إلى تفعيل سلاح المقاطعة الاقتصادية على كافة المستويات ضد العدو اليهودي، وكل من تعاون معه أو دعمه، واتخاذ كل التدابير الكفيلة بنشر هذه الثقافة.
ثامنًا: دعوة عموم المسلمين لمد يد العون لإخوانهم في غزة بكافة أنواع الدعم، والسعي لكفالة أسر ضحايا العدوان، والعمل على إعادة إعمار ما تم هدمه وتخريبه على يد العدو اليهودي.
وختم البيان بفتوى جواز تعجيل الزكاة لأرباب الأموال ودفعها لإخوانهم في غزة نظرًا لحاجتهم الماسة مع الاستمرار في الدعاء والقنوت.