أنت هنا

2 محرم 1430
المسلم- خاص

تناولت الصحف الإسرائيلية الغارة التي شنتها قوات الاحتلال على قطاع غزة صباح أمس. وتباينت آراء الكتاب الإسرائيليين بين مؤيد للغارة ودعيا إلى مشاركة القوات البرية، وبين مطالب بتوقفها ورافض للأسباب التي ساقها مهندسو الحرب.

صحيفة يديعوت أحرنوت نشرت مقالا للكاتب جوي بيكور لام فيه القوات الإسرائيلية لعدم قيامهما بعمليات برية واسعة حتى الآن متهما إياها "بالكسل" لإرسالها الطائرات بدلا من الجنود. وتساءل الكاتب الإسرائيلي قائلا: "كيف يمكن أن نفسر الحقيقة المثيرة بأن جيشنا العظيم يتفادى الاصطدام على الأرض في غزة؟ وأنه يصلي كل صباح ليدعو بأن تستمر فترة التهدئة وأن تكون المنظمات الفلسطينية لا تعني حقا ما تقول من تهديدات".

وقال في مقاله الذي جاء تحت عنوان: "لقد فقدنا غريزة القتل"، إن القوات الإسرائيلية تخشى الحرب في غزة مشيرا إلى إنها فقدت غريزة القتل التي كان قادتها يمتلكونها في السابق، على حد قوله. وتساءل لماذا أداء الجيش أصبح متوسط وغير ملهم، خاصة وأن ذلك يحدث لجيش وصلت ميزانيته عام 2007 إلى 13 مليار دولار. وأضاف إن أسباب هذه النتائج "القاتمة" من وجهة نظره هي: القوانين التي تعاقب الجنود في حال ارتكابهم خروقات وهي التي تحد من مباردراتهم الفردية في القتل وسفك الدماء، "فلماذا إذن قد يخاطر أفراد الجيش باحتمالية أن يتعرض لمساءلة؟".

وإضافة إلى ذلك فإن منظمات حقوق الإنسان التي وصفها الكاتب بأنها "لا تعمل لمصلحة إسرائيل" تعوق حرية عناصر الجيش بل تقتلها. كما أن الجيش من وجهة نظره بات يخشى ردود الأفعال في الشارع "الإسرائيلي" الذي يلوم الجيش إذا ما أُطلقت صواريخ المقاومة على بلداته.

وأوضح أن قيادة الجيش تعلّم جيدا أن الغوص في مستنقع مخيمات غزة مرة أخرى سيقلب المجتمع عليه. فهو يعلم أنه لا يحظى بدعم الإسرائييليين حيث تسود لهجة الـ"أنا" في المجتمع الذي نزعت منه مظاهر الوحدة الاجتماعية.

أما صحيفة هاآرتس فقد أوردت مقالا للكاتب يوري بلاو قال فيه إن الجيش الإسرائيلي يهدف من خلال العمليات العسكرية التي ينفذها بقطاع غزة إلى العودة بالقطاع عقودا إلى الوراء من ناحية القدرة على التسلح، في الوقت الذي يحقق فيه أكبر عدد من الخسائر في أرواح العدو –أي الفلسطينيين- ويقلل إلى أقل قدر عدد القتلى في صفوف "الإسرائيليين".

وقال إن هذا هو فحوى ما قاله ياعوف جلانت القائد الرئيسي في العمليات العسكرية على غزة خلال مناقشات قبيل بداية الهجمات. إلا أنه قال إنه برغم الجهود التي سيبذلها الجيش من أجل تقليل عدد الإصابات في صفوفه، إلا أنه يتوقع في حالة إرسال الجنود برا ستكون الأولوية للمهمة العسكرية، متوقعا وقوع ضحايا في صفوف الجيش، وقائلا: "تحت أي ظرف من الظروف لن نترك المهمة دون تنفيذها".

وفي هاآرتس أيضا، كتب الصحفي يوسي ساريد موجها حديثه إلى القادة الإسرائيليين: "من الأفضل أن نتوقف عن إلقاء الخطب، فالمزيد من الخطب يعني المزيد التضليل وتخييب الأمل، وهو ما يجعل الحرب تخرج عن أهدافها"، مشيرا إلى أن الخطب تميل إلى تحديد أهداف لا يمكن تحقيقها بطبيعة الحال؛ فجمل مثل "تدمير حكومة حماس" التي في الواقع ستؤدي الحرب عليها إلى زيادة دعمها من جانب الفلسطينيين، أو الحديث عن "البنية التحتية" المغطاة بالغموض: هل المقصود منها الماء والكهرباء أم الغذاء والدواء، وكلها أمور يعاني القطاع من انعدامها بالفعل.

ويقول الكاتب هذه الإعلانات الضبابية لا تقود إلا إلى حدود أكثر تعقيدا. ويضيف إنه من المفهوم منذ البداية وقبل بدء هذه الحرب إن المعابر الواصلة إلى غزة يجب أن تفتح؛ فأكثر من مليوني شخص معظمهم من اللاجئين والمنبوذين يعيشون في سجن عملاق وأرض خصبة لتطور دورة جديدة من سفك الدماء.

ويوضح أن حقيقة أن حماس قد ذهبت بصواريخها إلى مدى بعيد، لا تبرر السياسة الإسرائيلية على مدار العقود الماضية، والتي لا يصلح معها إلا حذاء عراقيا يقذف في الوجه.

أما الكاتب باراك رافيد فقد أشار في مقال له بالصحيفة نفسها إلى أن العوامل التي دفعت باتجاه تنفيذ الغارة على غزة هي "التعتيم والسرية والكذب أيضا". وأوضح أن مصادر في مؤسسة الدفاع الإسرائيلية أشارت إلى أن إيهود باراك وزير الدفاع كان قد أعطى تعليمات إلى القوات للاستعداد لهذه العملية منذ 6 أشهر، عندما كانت إسرائيل تتفاوض مع الفصائل الفلسطينية في غزة من أجل التوصل لاتفاق التهدئة. وأقر باراك بأنه بالرغم من أن التهدئة قد تعطي وقتا لحماس للاستعداد العسكري إلا إن الجيش الإسرائيلي نفسه كان بحاجة إلى الاستعداد أيضا.

وأصدر باراك أمرا بتجميع كافة المعلومات الاستخباراتية التي من خلالها سيتحدد أماكن البنية التحتية الأمنية لحماس وتدميرها، بالإضافة إلى الفصائل الأخرى المقاوِمة في القطاع.

وأتت البيانات الاستخباراتية بمعلومات عن القواعد الدائمة للحركة ومخابئ الأسلحة ومعسكرات التدريب ومنازل كبار المسؤولين. لكن خطة التنفيذ بقيت أدراجها إلى أن أقدمت القوات الشهر الماضي على ضرب مواقع في غزة زعمت إن المقاومة كانت ستستخدمها لمهاجمة الجيش الإسرائيلي.

ثم تم إقرار الخطة بشكل نهائي من جاب باراك فور انتهاء الستة أشهر المخصصة للتهدئة في 19 ديسمبر الجاري. لكن القوات قررت أن تعلق العمل بالخطة لاستطلاع ما إذا كانت حماس ستطلق صواريخها بعد انتهاء التهدئة.