
تشهد الساحة الحقوقية التونسية جدلا ثائرا منذ أيام إثر الإعلان عن قيام أحد السجانين بتدنيس المصحف الشريف بإلقائه أرضا ووطئه بالقدم في إطار عملية تعذيب لأحد المعتقلين السياسيين. واعتبرت جمعية حقوقية أن هذا السلوك "عملا ممنهجا" لدى إدارات السجون في تونس، ويأتي في إطار "حرب تشنها الحكومة على الدين الإسلامي".
وقالت جمعية "حرية وإنصاف" المختصة بالدفاع عن حقوق الإنسان أن "سجين الرأي رمزي الرمضاني المعتقل حاليا في سجن الناظور ببنزرت (60 كم شمال العاصمة تونس) تعرض منذ 15 يوما للاعتداء الشديد".
ونقلت الجمعية شهادات لعائلة السجين قالت فيها إن "مدير السجن وثمانية من الأعوان قيدوا المعتقل واعتدوا عليه بالضرب وانتزعوا منه المصحف الشريف ورماه أحد الأعوان أرضا وداسه بقدمه على مرأى ومسمع من عدد كبير من المساجين".
ومن جانبها أكدت الهيئة العالمية لنصرة الإسلام في تونس أن تدنيس المصحف الشريف "سلوكا منهجيا" لدى إدارة السجون التي تلجأ إليه بهدف تعذيب المعتقلين ذوي التوجهات الإسلامية.
وقالت الهيئة في بيان لها: "ليس من قبيل المصادفة أن يتكرر هذا الصنيع الشنيع (...) تكررت هذه الجناية الفظيعة والنكراء من قبل أعوان البوليس والحراس في مختلف السجون والمعتقلات، وهو ما يميط اللثام عن سلوك منهجي لدى الحكومة وأعوانها في انتهاك الحرمات وتدنيس المقدسات".
واعتبرت الهيئة أن ما جرى "سلوك متعمد يأتي في سياق حرب شاملة تشنها الحكومة التونسية بكافة دوائرها وأجهزتها ومؤسساتها على الدين الإسلامي ومقدَّساته".
ودعت الهيئة المسلمين إلى نصرة كتاب الله في تونس؛ "لأن ركل القرآن الكريم جريمة عظمى تكاد السموات يتفطرن منها وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا، فكيف يرضى مسلم أن يُدنَّس أقدس مقدساته؟! أو كيف يغضي عن منتهكي أعظم حرمات ربه؟!".
وسبق أن كشفت منظمات حقوقية تونسية عن ثلاث حالات حدث فيها انتهاك للمصحف الشريف، ففي يناير 2006 قالت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إن مدير سجن برج الرومي وأعوانه قاموا بـ"تعذيب السجين السياسي أيمن الدريدي وركل المصحف الشريف ساعة ضربه". كما كشفت والدته عن تعرض ابنها "لحملة ضغوط رهيبة لسحب شهادته"، مضيفة أن "عملية تنكيل كبيرة تعرض لها منذ أن كشف عن عملية ركل المصحف".
وفي نوفمبر من العام نفسه، كشفت الحملة الدولية من أجل حقوق الإنسان في تونس عن قيام أحد السجانين المكلفين بتوزيع الطعام على المعتقلين برمي المصحف في المرحاض؛ "بهدف استفزاز سجين إسلامي، بإيعاز من سلطة السجن".
كما يقول المعتقلون إن ظاهرة سب الذات الإلاهية تعتبر عادية ومنتشرة لدى السجانين في تونس.
وتقول المنظمات الحقوقية والجهات الإسلامية في تونس إن الحكومة تدأب على محاربة مظاهر التدين في المجتمع التونسي بدءا من منع الحجاب وتقييد الصلاة في المساجد وحتى تغيير مناهج التربية الدينية. وتواجه المحجبات في تونس حملة شرسة من أجل منع الحجاب في المؤسسات الحكومية كما تمنع الطالبات المحجبات من الوصول إلى مدارسهم، وتُهاجم المحجبات في الشوارع من جانب رجال الأمن وتعرضت بعضهن لاعتداءات أو خلع الحجاب بالإكراه. كما سعت الحكومة إلى تشديد الرقابة على الصلاة في المسجد وسعت إلى إصدار قانون يخولها منح كارت إلكتروني شخصي لكل فرد يسمح له بالمرور للصلاة في مسجد واحد فقط بحيث لا يتاح له دخول أي مسجد غيره.
وتتهم تلك المنظمات السلطة باستغلال حرب الولايات المتحدة على ما تسميه "الإرهاب" في شن حملة على الشباب المتدين في تونس، ومنع أي نشاط سلمي للحركات ذات التوجهات الإسلامية.