أنت هنا

7 ذو القعدة 1429
حائل – محسن العبد الكريم

حث الشيخ الدكتور سعد بن ناصر الشثري، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء، المسلمين على نبذ الخلاف والتنازع والشقاق، ودعاهم إلى الاجتماع والالتفاف والتآلف، تمشياً مع ما جاء في الكتاب والسنة.

وقال الشثري في محاضرة ألقاها بجامع خادم الحرمين الشريفين بحائل ضمن المحاضرات الرئيسة المصاحبة لفعاليات معرض وسائل الدعوة إلى الله تعالى: إن هذه البلاد كانت محلاً للاختلاف والنزاع والشقاق والحروب، وكان أهلها يختلفون في أقوالهم وأفعالهم ومعتقداتهم، فبعث الله نبيهم محمد "صلى الله عليه وسلم" بالهدى ودين الحق، فاتحد الناس، واجتمعوا على كلمة سواء.

 

وأضاف الشيخ سعد الشثري أن وصايا النبي "صلى الله عليه وسلم" لأصحابه كانت باجتماع الكلمة، وترك التنازع والاختلاف والشقاق، وجاءت الشريعة الإسلامية بجعل الناس أمة واحدة، ونبذ الاختلاف بينهم ، وقد نهى الله - جل وعلا - عن التفرق وعن الاختلاف في مواطن من كتابه، كما نهى جل وعلا عن التفرق في الدين والتحزب فيه، ومن هنا تقرر أن الاختلاف مذموم في الشريعة غير مرغوب فيه.

 

واستطرد الشثري قائلاً : لكن من طبيعة الناس ان تختلف أفهامهم وأن تختلف مداركهم فيحتاجون إلى تعلم أحكام الشريعة عند اختلافهم، وكلما قرب الناس من مصادر الوحي كتاباً وسنة اجتمعوا وتآلفت كلمتهم وابتعد عنهم الخلاف، وكلما ابتعدوا كلما حصل بينهم الاختلاف، وقال : وكذلك ننظر في أحوال الأمة بعد النبي "صلى الله عليه وسلم" كلما قربت الأمة من الكتاب والسنة اجتمعوا وتآلفوا واتحدوا وابتعد عنهم الخلاف، وكلما ابتعدوا عن الوحي من كتاب وسنة كلما وقع بينهم النزاع والشقاق والاختلاف.

وأبان الشيخ الشثري أن وسلائل الاعلام والاتصال تعددت فأصبحنا نطلع على أقوال مختلفة متفاوتة أحدهم يفتي بأقصى اليمين والآخر يفتي بأقصى اليسار، مبيناً أن الناس على صنفين الصنف الأول العلماء والفقهاء، وأهل الاجتهاد ، فهؤلاء يجب عليهم الرجوع إلى النصوص كتابا وسنة فيفهمونها بقواعد الفهم الصحيح المسماة لدى العلماء قواعد علم الأصول، فيرجعون إلى الكتاب والسنة ويحكمون على هذه الأقوال المختلفة فينظرون إلى هذه الأقول فينظرون إلى ما هو القول الأقرب الى الصواب الموافق لجميع النصوص فيأخذون به ، قال جلا وعلا : { فان تنازعتم في شي فردوه إلى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً }

واستطرد الشيخ سعد الشثري فأن لم نتمكن بالتمييز بينهم بحسب العلم أو كانوا في ظننا سواء فحينئذ ننظر إلى الأكثرية ، فلو قدر ان العشرات يفتون بالمنع وعالم أو عالمان يفتيان بالجواز فحينئذ قول الأكثر اقرب إلى أن يكون هو الشرع لأن قولكم على قرائن باتفاق هذه المجموعة الكبيرة من علماء الشريعة عليهم، فإذا تساووا لم نتمكن من الترجيح بالعدد فحينئذ ننظر الى الأورع، ولا بد من إخلاص النية في مسائل الخلاف بحيث أعمالنا لله جل وعلا نقصد بها ارتضاء رب العالمين ، سواء بما يتعلق بترجيحنا  بين المفتين ، او فيما يتعلق يأخذنا لأحد الأقوال أوما يتعلق بمناصرة قولاً دون قول آخر لان الله أمرنا بإخلاص الدين ، والطاعه لله .

واضاف الدكتور سعد الشثري قائلا : إن من الامور التي يتصف بها المؤمن حيال المسائل الخلافية الحرص على اتباع الادلة الشرعية كتابا وسنة وكذلك من الأمور والصفات التي نتحلى بها في المسائل الخلافية حسن الخلق لأن المخالف إذا أحسنت التعامل معه وأحسنت الخلق معه كنت بذلك محققا لأمر الشارع مرضياً لربك جل وعلا .

وقال : من الامور في هذا أن البعض يستنتج الكلام في معايب المخالفين له ، فإذا وجد مخالفاً له في مسألة فقهية أو غيرها بدأ يبحث عن عيوبه ، ويبحث عن ما لديه من مثالب ، وينشرها في الناس ، فهذا لا يجوز وحرام ومن الأمور المخالفة للشرع ، ولذلك يقول النبي "صلى الله عليه وسلم" : (من قال هلك الناس فهو أهلكهم أي أشدهم هلاكاً . أو هو السبب في هلاكهم) ، ومن هنا لا ينبغي لنا أن نشيع الأخبار ، وأن نكثر الحديث فيها يتعلق بهذا أنه لا يجوز للإنسان أن يغلب المخالف له بقول أو فعل أو غير ذلك من أنواع الآداب يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( المسلم من سلم المسلون من لسانه ويده ) ، قال تعالى : {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} وقال تعالى : {إن عليكم لحافظين كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون) .